کد مطلب:263337 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:339

مع الفیلسوف الکندی
ان الأئمة علیهم السلام یعتبرون أنفسهم - كما یقول الأستاذ عبدالقادر أحمد الیوسف - أحق من غیرهم، لا بل هم المكلفون بعد الرسول صلی الله علیه و آله و سلم بنشر الاسلام، و المحافظة علی السنن و الشرائع المحمدیة، لما لهم من وشائج القربی، و نقاوة النفس و تفهم التنزیل [1] .

فقد استقام هذا الدین بدفاع جدهم الامام أمیرالمؤمنین علیه السلام عنه، و بذله فی سبیله نفسه المقدسة فقد عرفت مواقفه علیه السلام منذ مبیته علی فراش الرسول الأعظم صلی الله علیه و آله و سلم واقیاً له بمهجته، متحدیاً جبابرة قریش و طواغیتها، ثم تلا هذا الموقف مواقفه فی حروب النبی صلی الله علیه و آله و سلم و غزواته، حتی قال رسول الله صلی الله علیه و آله و سلم فی موقفه یوم الخندق: لمبارزة علی لعمرو بن عبد ود أفضل من أعمال أمتی الی یوم القیامة [2] .



بنی الدین فاستقام ولولا++

ضرب ماضیك ما استقام البناء



و استمر أبناؤه علیهم السلام علی التضحیة من أجل هذا الدین و اعلاء كلمته فكان موقف السبط الشهید یوم عاشوراء؛ و ما قدمه من تضحیات تتضاءل عندها كل تضحیة و فداء.

و عاش الأئمة علیهم السلام فی عهد الدولتین: الأمویة و العباسیة تحت وطأة الحاكمین، و عانوا منهم الأمرین، فقد تتبعوهم قتلا و سجناً و تشریداً، و هم مع شدة



[ صفحه 297]



ظروفهم، و قساوة الظالمین معهم، یذودون عن هذا الدین ما أمكنهم الذود، یردون أباطیل علماء الأدیان، و شطحات الفلاسفة، و قد مر علیك فی هذه السلسلة بعض مواقف الامام الصادق و الامام الرضا علیه السلام مع بعض هؤلاء، و نسجل فی هذا الفصل موقفاً للامام أبی محمد العسكری علیه السلام مع الفیلسوف الكندی:

ان اسحاق الكندی كان فیلسوف العراق فی زمانه، أخذ فی تألیف تناقض القرآن، و شغل نفسه بذلك، و تفرد به فی منزله، و ان بعض تلامذته دخل یوماً علی الامام الحسن العسكری علیه السلام، فقال له أبومحمد: أما فیكم رجل رشید یردع أستاذكم الكندی عما أخذ فیه من تشاغله بالقرآن؟

فقال التلمیذ: نحن من تلامذته، كیف یجوز منا الاعتراض علیه فی هذا أو فی غیره؟

فقال أبومحمد: أتؤدی الیه ما ألقیه الیك؟

قال: نعم.

قال: فصر الیه و تلطف فی مؤانسته و معونته علی ما هو بسبیله، فاذا وقعت الأنسة فی ذلك فقل: قد حضرتنی مسألة أسألك عنها، فانه یستدعی ذلك منك فقل له: ان أتاك هذا المتكلم بهذا القرآن هل یجوز أن یكون مراده بما تكلم منه غیر المعانی التی قد ظننتها أنك ذهبت الیها؟ فانه سیقول لك: من الجایز، لأنه رجل یفهم اذا سمع، فاذا أوجب ذلك فقل له: فما یدریك لعله أراد غیر الذی ذهبت أنت الیه، فتكون واضعاً بغیر معانیه.

فصار الرجل الی الكندی، و تلطف الی أن ألقی علیه هذه المسألة فقال له أعد علی فأعاد علیه، فتفكر فی نفسه و رأی ذلك محتملاً فی اللغة و سائغاً فی النظر.

فقال: أقسمت علیك الا أخبرتنی من أین لك؟

فقال: انه شی ء عرض بقلبی فأوردته علیك.

فقال: كلا، ما مثلك من اهتدی الی هذا، و لا من بلغ هذه المنزلة، فعرفنی من أین لك هذا؟



[ صفحه 298]



فقال: أمرنی به أبومحمد.

فقال: الآن جئت به، و ما كان لیخرج مثل هذا الا من ذلك البیت.

ثم انه دعا بالنار و أحرق جمیع ما كان ألفه [3] .



[ صفحه 299]




[1] انظر كتابه الحسن بن علي ص 42.

[2] كنز العمال 6 - 158.

[3] المناقب 2 / 459.